تطور مراحل التدوين في السيرة حتى العصر الحديث
The evolution of the stages of compilation in the biography till the modern era
Abstract
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد r وعلى من اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنَّ دراسة الهدي النبوي لها أهميتها لكل مسلم، فهي تُحَقِّق عدَّة أهدافٍ، كما أن السيرة النبوية تُوَضِّح للمسلم حياة الرسول r بدقائقها وتفاصيلها منذ ولادته وحتى موته، مرورا بطفولته وشبابه ودعوته وجهاده وصبره وانتصاره على عدوِّه وتُظْهِر بوضوح: أنَّه كان زَوْجا وأبا وقائدا ومحاربا وحاكما وسياسيا ومُرَبِّيا وداعية وزاهدا وقاضيا وعلى هذا فكلُّ مسلم يجد بُغيته فيها.
إنَّ الأُمَّة تتعلَّم منها الآداب الرفيعة، والأخلاق الحميدة، والعقائد السَّليمة، والعبادة الصحيحة، وسموّ الرُّوح، وطهارة القلب، وحبَّ الجهاد في سبيل الله، وطلب الشهاد في سبيله، ولهذا قال علي بن الحسن: "كنا نُعَلَّم مغازي النبي كما نُعَلَّم السورة من القرآن".
إنَّ السيرة النبوية تُعطي كلَّ جيل ما يفيده في مسيرة الحياة، وهي صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكان ومُصلحة كذلك.
إنه من توفيق الله لي أن جعلني من المشتغلين بكتابه وسنة نبيه r وسيرته العطرة، وأقامني في ذلك، فلله الحمد والمنة على ذلك حمداً كثيراً لا يحصيه العدد، وكان من توفيقه كذلك سبحانه أن منّ عليّ بكتابة هذا المقال في السيرة النبوية r، بعنوان: (تطور مراحل التدوين في السيرة حتى العصر الحديث).
إن هذا المقال يعالج قضية على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة في كتابة السيرة، وهي المنهج الذي اتبعه كل من المحدثين والمؤرخين في كتابة السيرة وتوثيق مروياتها، وأهمية هذه القضية تنبع من شيئين: الكشف عن سبب الاختلاف بين المنهجين وآثار هذا الاختلاف ومظاهره. والآخر: وَضْع قواعد وأسس يسترشد بها في كتابة السيرة في هذا العصر. والدراسة تكون على النحو التالي:
